مجلة آفاق الأدبية _______ حينما كنا صفرا ________ الأديب حسان الحديثي
حينما كنا صفراً
"بمناسبة اخر ليلة من ليالي عام 2018"
كنا صفراً....
لكن بقلوب غضّة نمسي على حب ونصبح على حب. لا يمنعنا من الحب الا قِصَر الخيال ذلك حين ادركنا ان العاطفة قلب وخيال ومن لا حدود لخياله لا حدود لعاطفته، نعم كنا بقلوب صغيرة، لكن زاويةً منها تكفي لاحتواء العالم من حولنا.
كنا صفراً....
ندرك اننا صفرٌ ، راضين بهذا القدر مع يقيننا بأننا اعظم بكثير من كل الأرقام والأعداد التي حوتها علوم الرياضيات والحساب، من قَبْلِ الخوارزمي ثم مروراً به وبمن بعده ، لم نكن نعلم حينها ان الصفر هو أعظم عدد في هذا الكون ولولاه لتوقفتْ عجلة التكنلوجيا ولنُسفت علوم الكومبيوتر ولما قامت للبرامجيات -التي تسيّر عالمَ اليوم- قائمة.
كنا صفراً....
لم تحوِ جيوبُنا بقيةَ مال ولا دفاتر شيكات ولا بطاقات ائتمان ولا ارقاما سرية لحسابات، لكننا نمتلك ما نحتاجه للمتعة والمرح؛ فالنخل وشاطئ النهر وشجيرات الصفصاف وخضرة التلال البعيدة كفيلة بان تجعلنا سعيدين بلا مال وترف.
كنا صفراً....
لا نمتلك من الثقافة الا بعض اغان الحانُها على مقام الفرح نحفظ بعضها ونكمل من انفسنا ما نسيناه منها وبعض ابيات شعر مكسورة الوزن معتلة القوافي، لا نعلم شيئا عن تعقيد الحداثة وتخشّب النقد، لكننا كنا ادباء بالفطرة السليمة وشعراء بمعاني الحياة التي كانت تحبنا عندما كنا نحبها ونفضلها على الموت الف مرة.
كنا صفراً....
بلا معلومات عن السياسة مجردين من الايديولجيات وقشور العولمة، وبلا وعي قومي ولا ميول وطني او انتماء عشائري ولا تعقيد ديني لكننا ...
كنا نحب الله ونعلم انه موجود ولا ندري اين.
ونحب الوطن ونعلم اننا فيه ولا ندري ما هو.
.
.
تعليقات
إرسال تعليق