مجلة آفاق الأدب ____ قراءة نقدية لنص حمل كاذب _____ للناقد و الشاعر هشام صيام

قراءة تحليلية لنص تم رهنه في 
خانة الضبابية ذات ليلة من وشم حبر الإبداع ...
.... هنا كانت وقفتي المتواضعة وحمل قلمي لواء الدفاع عن هذا الحرف الوارف وما تحويه أرحام رموزه شاهقة العروج ، 
فإلى هناك مع نص الرائع علي جمال والقراءة التحليلية التأويلية التي وشمها هذا القيس الذي يسكنني ..،

النص 
.............

#حَمْلٌ_كاذب

كأيِّ كلمةٍ إسمها ليس قُماشاً..
أقِفُ
مع صِبْيةِ شارِعنا المختلفةِ أطوالهم،
وبِما أنّي
أقصرُ شيءٍ حَصَـلَ لوالدي ، وأنكِ تَمُرّينَ من هُنا بعدَ قليل-
الكُل شاهَدَكِ
وأنتِ تَرتَدينَ كلاماً ضيقاً و تنورةً موسيقية قصيرة جداً..

ولأني أسكنُ في آخرِ شبرٍ من الحادثةِ،
ليلتها
رأيتكِ في المنام
تُمزقينَ الناسَ و ترميهِم خارج المصادفة
وتتكلمينَ مع رجالِ الحَـيَِ
فتقتلعين حديثهم
و تغرسين بَدَلَ زوجاتهم صوركاذبة و أزهار أخرى تشبه هذا العزاء..
------------------------
إنكَ تشبهُ الطينَ عندما تلفظهُ كريمةٌ ويَخرجُ من مذياعٍ عتيق..
أُمّي تقول لي هذا
كلما استيقظتُ مبكراً

#عين
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

القراءة 

"حمل كاذب "

الحمل الكاذب ظاهرة نفسية تصيب حواء وتجعلها تشعر بحمل وهمي مكتمل الأعراض حد أنه في بعض الأحيان يحدث انتفاخ في البطن وهذا يسبب خلط عند الأطباء في مثل تلك الحالات قبل تقدم طرق الكشف ....،
وهنا كضربة شعرية وعنوان يفي هذا المعنى النفسي والحياتي للرمز فتلك الحياة وهي الدنيا - وهي مؤنثة بالفعل كلفظ - الخاصة بشاعرنا تملك كغيرها من الحيوات أحلاما وآمالا منها المؤجل ومنها ما نجدّ في طلبه والبعض تحقق على استحياء بنكهة عدم الحلول ...،
هنا في تلك القطفة الشعرية الرمزية بحذق وضع شاعرنا صوراً وإسقاطات من رحم الرمز نراها ونلمحها من خلال ولوج يمّ تلك الحروف التي تحملها أعنة " العنوان " ..،
والذي تم الإسقاط عليه بهذا الرمز ، وهذا الإسقاط أوجد صورة رائعة في تجسيد المعنى وجعل الحياة الخاصة جسداً أنثويا متكاملا ثم في صورة منبثقة جعل الأحلام كعنقود بويضات ولكنها مهيضة لا طرح لها ..،
ثم يعاجلنا بلمحة فيها تشبيه مستتر في غاية الإبداع والذكاء وهو يشبه تلك الحياة المضببة الأحلام بحالة تلك المرأة التي اقترب موعد انقطاع طمثها وعدم قدرتها على الحمل فتأخذها دوافعها وحاجتها وأمنياتها للتخيل العقلي الذي تستجيب له رغبات الجسد في تمازج نفسي - سبحان الخالق - فينصاع الجسد ويعلن حالة الطوارئ القصوى وكأنه حمل لا نقصان فيه ...،
هنا كانت الضربة الرائعة التي وفت واجتمع الإسقاط مع الصورة والتشبيه مع إسقاط ضمني على دفتر حضور الأيام بأنه مجرد أحلام وأمنيات لن يأتيها طلق الميلاد فهي مجرد حمل كاذب تشدق به رحم الأماني ..،
العنوان في حد ذاته موضوع متشعب يأخذك لدروب ممتعة من الخيال الدرامي الذي قد يجعلك ترى واقع أيام أو تتخيلها ومفارقات الحلم وتلك السعادة ورسم خطوط تشي بمستقبل ثم تعاني مع تلك الذات عذاباتها إبّان لطمات الإفاقة ...،

فالعنوان رائع محلق بالفعل .

النص محير أراه بعين اليقين التي يحيطها الفضول الأدبي ليأخذني للتسكع على أرصفة التأويل دون إرادة مني ...،
مع تلك القماشة التي تسيطر على ضربة البداية ومتن النص وتنعكس على سطور النهاية التي تهمس بها الأم كل صباح في عبارة أصداؤُها تطارد شاعرنا وهو ينفض النعاس من على أهداب جفونه ،ليعود بي ذهني لمعنى سابق لهذا للفظ القماش ولكن سأتركه لبرهة ولنعد لهذا القماش المتروك والذي لا يشكل اسما أوكنية لواقع حال هذا الآدمي ...،
ولنربط هذه الصورة المرمزة بما تلاها من أحجية قد تبدو لأول وهلة على أنها مجرد تعليل لنتيجة وهي " وبما أني
أقصر شيء حَصَل . لوالدي " وتلك الأحجية في تعبير " مع صبية شارعنا المختلفة أطوالهم " 
 هنا فقط يظهر المعنى من وجهة نظري فهذا القماش كتأويل هو مولود - والمولود حياة ومستقبل - وهكذا قال ابن سيرين في تأويله لرؤية القماش في الحلم لامرأة متزوجة رأت قماشا باللون الأسود أو لون غامق بأي درجة من درجاته ما بين البني والأسود فهو مولود ذكر ...،
هنا قد يقول البعض ولكن هذا التأويل منقوص وهنا نقف لنعلل الأسباب التي دعتني لهذا ...،
لفظ " أطوالهم " هنا كان من الممكن أن يقول شاعرنا لفظا قريبا كـ "أحجامهم " مثلا ولكن أتي لفظ اطوالهم دقيقا جدا لأنه يعبر عن صفة من صفات القماش فنحن نقول طول توب القماش كذا وكذا ...، وهي وحدة قياس تتماشى أيضا وقياس طول جسد البشر ،
هذا لتعليل ما جعلنا نفك شيفرة الرمز ..
وبالنسبة للتفسير فلفظ أقصر بنفس الكيفية السابقة ولكن يأتي لفظ " حَصَل " يتبعه " لَوالدي " ليرجح التأويل - من وجهة نظري بالطبع فالمعنى يظل في رحم حرف شاعرنا - فالتحصيل هنا يقع على ما جناه الأب من الحياة في منظور الأسرة وهنا يكون الأبناء - وسيكون لنا وقفة مع هذا كله - لتظهر مقولة الأم الدائمة لفلذة كبدها لتأكيد الأمر ..،
.... " إنكَ تشبهُ الطينَ عندما تلفظهُ كريمةٌ ويَخرجُ من مذياعٍ عتيق "
الجزء الأول من العبارة يشي بالمعنى المراد في التأويل لفظ " الطين " كموروث ويقين يعود على خلق الإنسان من طين كالفخار ...،
وهنا نعود للون فالطين بني اللون والفخار قد يكون باللون الأحمر الغامق أو البني المحروق القريب من الأسود- في معظم صوره - وهنا يصبح التعليل الخاص بالقماش كامل الثبوت بمقولة الإبن وتأكيد الأم مرورا بتحصيل الأب ،

فوالدة شاعرنا تعطي وصفا دقيقا لحالة الاستيقاظ فنحن عند الاستيقاظ نقوم متيبسي العضلات نتمطى - كأننا متحجرين - وتكون درجة حرارة الجسم أكثر من معدلها خاصة في الصيف ...، .. ثم يكون صوتنا خشنا متحشرجا لعدم الكلام فترة النوم ونحتاج فترة لتعتاد أحبالنا الصوتية على ليونة الحركة والعودة لطبيعتها لهذا كان الوصف في الجزء الأخير من مقولتها " مذياع عتيق " غاية في التوفيق 
الله على دقة الوصف في الحالتين ..،
ولكن بعد هذا كله يجب أن نعود ونسقط هذا كله على المغزى المراد منه ...،
فالإبن حياة ومستقبل برغم أنه في ضربة البداية كان يرفض ورفضه هذا قد يكون لواقع الحال أو لوصفه بهذا الإنسان الذي يراه مدمرا لكل شيء منصاعا لرغباته وكأنه عبد لها تذهب به لكل مذهب ،
لهذا يجب أن نُسقط الأحداث بدقة على معاني النص بالترتيب ...،
فتلك الحياة تعتمر كلاما وبما أن النص به نوع من الرمز المُسقط بدقة فهنا لفظ " الكلام " يجب أن يعود بنا للبداية وعبارة "كأيَّ كلمةٍ " هو كان مجرد كلمة وجمع الفرد - الإنسان - أنام إذا الأنام أو البشر هم في معية رمزية وهي الكلام ويأتي لفظ 
" ضيقا " ليعبر عن منتج يندرج تحت اسم قماش وهنا يتمخض الرمز عن صورة مموهة بها في البداية تحويل من المجسد وهو الإنسان للمعنوي ـ كلمة ـ ثم تحويل المعنوي لمجسد جديد هو قماش - وكلا الصورتين نشعر بهما ولا نراهما على السطور - ملابس ترتديها الحياة - سبحان الله كلما تعمقت في صورة تولد صورة فمازال هناك الكثير من الصور ولا يسعفني الوقت - هنا الحياة تمر وفي تعبير " تمرين " الزمن في المستقبل ولكن المؤكد حدوثه ...،
فالحياة إبّان مرورها يصبح المعنى هو الزوال فهي تمر في واقع لحظة ولا تعود و ذلك ناموس الزمان ....،
" كلام ضيق "
 قد تعود على ضيق الأفق أو أن ما سيتم توريثه لجيل قادم مهيض وضئيل يؤكد على هذا لفظ " موسيقى " الموسيقى هي ما يجعل البشر يبتهجون ويقبلون على الأشياء وتجذبهم وهنا من منظوره الرافض كان ما يجذبه شيئا قليلا نادر الوجود ،
" آخر شبر " 
هنا نهاية توب القماش والعودة للرمز ولكن هنا يصبح الرمز وحاويه في تواجد وحضور ملحوظ وتم تمريره بمهارة وحذق ،
تلك الحياة - الحادثة - التي تحوي البشر والكون - كما التوب الذي يجمع أمتار القماش - هنا شاعرنا يعود للحلم الذي يحاول من خلاله استنطاق الغد فيجدها في مرورها تمنى هذا وتناغي هذا - والحياة كثيرا ما تمني لتحرم - وبما أن النص كما أشرت لهذا سلفا تكتنفه الرمزية الذاتية الغامضة فقد يكون تأويل الكلام الضيق والتنورة الموسيقية القصيرة جدا والحلم هو مجرد إسقاط بالملابس الضيقة القصيرة على ما نعاقره في حياتنا من رؤى تذهب بنا للشطط والشتات وهذا الزيف الذي نراه في عالمنا الواقعي والافتراضي الذي يجعلنا نترك الثمين والنادر ونلتفت بنزق لصور باهتة سرابية المخاض وزهور لا رائحة لها مجرد لون كتلك التي نحملها في الجنائز ونضعها ونحن نقدم واجب العزاء على القبر ..،
كتعبير عن ضياع الأحلام والأماني مجرد غيم لا يسكن رحمه المُزن ..

صدقا جميع التأويلات ممكنة ما بين رؤى شاملة لواقع وتحارب ذاتية فيمكن أن تكون تلك المتحدثة والرجال حواء حسناء وقد تكون الحياة ومغرياتها ..، لتصبح انثى القصيد إسقاط على الدنيا ورجال الحي محيط من البشر وتلك الزوجات هي رمزية لمشروع يحمل نكهة الحاضر والمستقبل فالزواج مشروع اجتماعي وكأي مشروع يكتنفه الطموح فهو خاضع لمشروعية الأحلام هنا تصبح انثى القصيد صاحبة التنورة الموسيقية القصيرة هي الحياة بكل ما تحمله من معنى في حضور رمزي شاهق العروج حمل مشهد حركي بصري صوتي عبر عن نكهة الأماني المهيضة زائفة المثول التي يعاقرها البشر .
النص يحتمل الكثير من التأويلات وما كان مني هو رؤيتي الخاصة وسيبقى المعنى في رحم حروف شاعرنا علي جمال .

محبتي والياسمين أيها الرائع هذا النص استفزّني جدا جدا 
فتقبل حضوري بين راحات إبداعك ..،

هشام صيام ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدبية ______ يا سر الهنا ______ بقلم الشاعر نزار سالم

مملكة أقلام و حروف _____ أبكي بلدي _____ الشاعرة صاحبة الظل الطويل

مجلة آفاق الأدبية ________ لون الحزن _____. الشاعر حسين علوان