بانوراما الغريب للثقافة و الادب ____ قراءة نقدية في قصيد فلك الحزن ____ الناقد علي المحمودي

_فلك الحزن _
راق لي هذا النص لذلك أردت أن أضع قراءتي له مكتوبة ومزيلة تحته فالنص قصيدة من الشعر العمودي الذي يلتزم البحر العروضي والقافية ولا أذكر ذلك لشرح البحر لا ولكن لتناول الموسيقى الخارجية والظاهرة للنص فهو على الكامل التام وكما هو معلوم أن هذا البحر من أكثر بحور الشعر استعمالا لدى الشعراء لجمال موسيقاه فهو من البحور ذات التفعيلة الواحدة( متفاعلن) وما يعتريها من علل وزحافات 
فقد أجادت الشاعرة نظم قصيدتها على أجود ما يكون 
حيث اشتبكت مفرداتها مع موسيقى النص والصور الجمالية فجاءت كقطعة الموسيقى الحزينة محلقة بجناحين من جماليات الوصف والإيقاع فمن العنوان تغوص في فكرة النص فلك الحزن عنونت النص بصورة جمالية (فلك الحزن) في اشتباك ما هو حسي بما هو معني وكأن الحزن له فلك وظلال تخيم على الوجوه كظلال أجسادنا التى لا تفارقنا فقد بدأت بفعل الأمر وهو فعل طلبي وإن كان هنا ليس دالة على الطلبية المحضة بل لإظهار اليأس والتعب لملم خطاك وكأن الخطى تبعثرت في رحلة شاقة جاءت عليها الدلالة اللفظية واضحة صريحة (تعبت كثيرا)
وأردفته بأمر ثان اغرس وما فيه من دلالة على التثبيت والتمكين وكأنه إمعان بجلد الذات بجراح أضحت هى المصير جاءت الصورة في فضاء مجازي عميق اغرس على أفق الجراح لملم خطاك
وابدأ كذلك كررت الطلب بفعل
بفعل الأمر في البيت الثاني كنقطة كاشفة فهى لا تطلب منه على وجه الحقيقة فعل ذلك ولكن ليعي أنها تعلم ذلك وكأنها تقرعه على ما خاض في حقها بالخداع والزيف

لَمْلِمْ خُطاك فقد تَعبْتَ كثيرا
وٱغْرِسْ على أُفُقِ الجِراح مَصيرا

وٱبْدَأْ مَسيركَ بالخِداع فإنَّهُ
ما مِن صَدوقٍ يَعْتلي التَّقْديرا
ثم راحت تتكئ على الوصف الذي الذي صيغ من المجاز 
/الجُرحُ في سِجْنِ الضُّلوعِ تَؤُزُّني / فالجرح سجين والضلوع سجن هكذا بنت الصورة وأكملتها بالأشجان وكأنها جهنم 
 /أشجانُهُ بينَ الأَنامِ سَعيرا /
وهكذا تستمر في الوصف لعل املا يأتي وإن كان هذا بعيدا فربما يتحول بعد العناء زهورا 
فعيناك متجمدتان نحو المدى تنتظر وليس أمامها غير الانتظار وإن جاء الاستدراك بعدها بلكن ليبين مافعل البؤس 
في جسد الحقيقة حتى غدا التراب كتابا وأنت فيها سطور
تواريت كالسطور الموات في جسد التراب 
عيناكَ شاخِصةٌ لعلَّ على المَدى
يَأْتي لكَ الأَمَلُ البَعيدُ زُهورا

لكنَّ بُؤْسَكَ حَفَّ كلَّ حقيقةٍ 
فغَدَوْتَ في سِفْرِ التُّرابِ سُطورا
ثم تصل لتساؤل ماذا؟! تساؤلات عدمية فالدموع تجعل من الرؤى ضبابية إلا من دمع كأنه ثمر حتى صار بحورا
وأنت تنظر في الكلمات تبحث عن الرحلة علك تجد الخطى بين الكلمات وأنت في فلك الغياب تصبر علك تجدها
وهى تهديك دلّالك للموت والقبر الحزين تخبر المسالك ودروب الغياب هناك وكأنها في النهايات ساقية لها حنين كلما دارت لها أنين حزين و نبضات مازالت تنبض في قلب بحيرة من اتخذ من الحزن مسلكا وجوديا فأنى للسرور أن يعبر حاجز الحزن أسئلة وأجوبة مفقودة جعلت من القصيدة ضربات أسواط كضربات قلب مضطرب
لما لا وقد ورثت الحزن منذ جرى ماء الكلام على شفتيك 
وكأنها ورثت الخرس فأصيب التعبير بالصمم الذي لا يسمع والخرس الذي فقد ماهية الكلمة والذات ......
 
النص 

_فلك الحزن _

لَمْلِمْ خُطاك فقد تَعبْتَ كثيرا
وٱغْرِسْ على أُفُقِ الجِراح مَصيرا

وٱبْدَأْ مَسيركَ بالخِداع فإنَّهُ
ما مِن صَدوقٍ يَعْتلي التَّقْديرا

الجُرحُ في سِجْنِ الضُّلوعِ تَؤُزُّني  
أشجانُهُ بينَ الأَنامِ سَعيرا 

عيناكَ شاخِصةٌ لعلَّ على المَدى
يَأْتي لكَ الأَمَلُ البَعيدُ زُهورا

لكنَّ بُؤْسَكَ حَفَّ كلَّ حقيقةٍ 
فغَدَوْتَ في سِفْرِ التُّرابِ سُطورا

ماذا ستُحْصي مِن دُموعِكَ والرُّؤى
تَسْتَثْمِرُ الدَّمعَ الغَزيرَ بُحورا

حَدَّقْتَ في الكلماتِ تَبحثُ عن خُطًى
وتَدورُ في فُلْكِ الغِيابِ صَبورا

تَهديكَ للقَبرِ الحَزينِ مَسالِكًا
وتَلُفُّ حولَ المُنْتهى، نَاعورا 

نَبَضاتُ قلبِكَ لَمْ تَزَلْ في حَيرةٍ
أَنّى تُمَنّي للسُّرورِ عُبورا ؟

فلقد وَرِثْتَ الحُزنَ مُنذُ تَحَدَّثَتْ
شَفتاكَ حتّى أَخْرَسَ التَّعْبيرا
........
سمية المشتت



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدبية ______ يا سر الهنا ______ بقلم الشاعر نزار سالم

مملكة أقلام و حروف _____ أبكي بلدي _____ الشاعرة صاحبة الظل الطويل

مجلة آفاق الأدبية ________ لون الحزن _____. الشاعر حسين علوان