مجلة آفاق الأدب ____ قراءة في لوحة ليلة النجوم / فان كوخ ____ الاستاذة اعتماد حياوي

ليلة النجوم/ فنسنت وليم فان كوخ


وفي أول ليلة لزاوية (ريشة ولون) ستكونون أنتم أصدقائي نجوم هذة الليلة ..

فمرحباً بكم..

سنحلقُ معاً في آفاقنا( آفاق الأدب) وستنثر اقلامكم مدادها في عالم الحب والحرمان والبؤس والوحدة

وكيف يكون كل ذلك سبباً في خلق اابداعٍ منقطع النظير..

وأول جوهرة لنا في هذه الليلة هي لوحة( ليلة النجوم) للرسام الهولندي الإنطباعي* ڤان كوخ والتي رسمها من خارج نافذة غرفته في المصح عام1889  

وكانت عن ليل مدينة( سان ريمي دو برو فنس) وعلى الرغم من انه رسمها في النهار كانت في مخيلته ليلة للنجوم وكانت كل ما في ذاكرته عن تلك الليلة التى رآها وهو يحلق فوق سماء المدينة بألونها الأحمر القرمزي والأزرق البروسي والأخضر الزمردي والأصفر المقدس رمز الشمس وزوابعها المتعددة حيث تبدو للناظر في دورانها المتحرك انعكاساً لروحه القلقة في ذُّهانها

وشعوره الهائم بالحب رغم انعدامه وبالإحتواء رغم فقدانه وبالوحدة رغم كثرة من حوله عالم من الخيال المطلق الجموح

تعتبر هذه اللوحة من أكثر القطع شهرة وشعبية وأغلاها سعراً في العالم.. عكست حياته المتعثرة التي عانى فيها من نوبات متكرره من المرض العقلي( الذُّهان)*

وكانت احدى أهم هذه الحوادث الشهيرة هي قطع جزءاً من أُذنه اليسرى ومحاولته ابتلاع لوحاته وكانت سبباً في دخوله المصح

وهذه اللوحة موجودة الآن في متحف( الفن الحديث بنيويورك) منذُ عام 1941 وتمثل منعطفاً حاسماً في حياته بسبب استخدامه حرية خيال  أكبر مما في لوحاته الفنية الأخرى

وبالرغم من رسمه لـ(2100 )لوحةمتنوعة بين الزيتية والمائية في مدة زمنية قصيرة ظل يرسم دون ان يبيع منها شيئاً صور لنا فيها حبه المفقود والبؤس بقباحته الموجعة

وكان في الفترة الأخيرة من حياته

 يشعر ان جسده أصبح هرماً وان روحه تتعذب بالرغم من انه كان في عمر ليس متقدم والحزن الذي رافقه وروحه التي تتوق للحرية من ظلم الحياة والآمها ومن فيض المشاعر أطلق رصاصةً على نفسه وترك العنان لروحه كي تسافر الى الشمس كما كان يحلم والمؤسف حقاً انه لم يرَّ النجاح الذي حققته لوحاته في حياته..

فهل روحه الآن راضية؟ أم أنه يسخط على العالم الذي لا يُقدس الأشياء الا بعد رحيلها..!

وكثيراً ما أتساءل هل كان فنسنت فاقداً للأمل حقاً؟

كيف وهو يجد بالرسم ملاذه الأمن والحضن الدافئ بعيداً عن قبح هذا العالم.

وكنتُ وقد وجدتُ نفسي أمام جموح نافذته

 بهذة الحروف:


لكمْ

أتذكر تلك الليلة

نافذتي 

غياهبي تنبلج

أوّاه 

كيف انساه ؟

طوفان الليل بليلة النجوم

وهي تنقض  - بهوس مجنون -

على الدياجير

 *بـ(37 )نجمة

عابثة هائجة مائجة

بلغة وامضة لاجئة 

تستبيح ذاكرتي

تستنطقها

هيا أجيبي :

ألمْ أستضفكِ برأسي

وستلطفتكِ حروفي

و ستئلفتكِ ألواني؟

ألم تشدّو لك حمائمي ويماماتي

هواجسي وأغنياتي

حنانيكِ

 رفقاً بي*( كي) 

(أنتِ او اللّهب بكفي)*

يا لغزاً

 حيرني، أثقلني،

أنهكني،أطلقني من قمقمي 

دياميس مبكية

 تلفظني رمماً

في آفاق ليلة لا مرئية

وتغدو في مدني ( سين)*

فتشقى السماء

 بزوابع مطوية

وتغرق نجومها بالنحيب

وينزلق الليل بوهمٍ يبتلع

صقيع يبابي

يندلق في

[صمت الطبيعة

و باقات الورد

و دوار الشمس

حينها بكت

جسور لانغلوا

وباتَ حقل القمح بالقرب

من شجرة السرو

 يابساً  يائساً

في الليلة المتلألئلة

على اعتاب الخلود]*

وأخر  نشيج يضج

 برصاصة في الصدر

تأبى لاهجةً

( الحزنُ سيدومُ للأبد)*

في ليلة 

      النجوم العاثرة



الإنطباعية/مدرسة فنية لها اسلوبها الذي يعتمد على نقل الحوادث والواقع من الطبيعة مباشرة كما تراه العين المجردة بعيداً عن التخيل والتزويق


*الذُّهان/مصطلح طبي للحالات العقلية المصابة بخلل في عملية التفكير المنطقي والإدراكي الحسي


( 37)*سنة هو عمر ڤان كوخ


(كي)*إبنة عمه التي عشقها بجنون ورفضته وهذه اصعب الحوادث المؤثرة بحياته.


* من مقولته بعد ان رفضته حبيبته ووالدها فقرر ان يحرق يده باللهب قائلاً(أجعلوني أراها قدر ما استطيع أو أضع يدي في هذا اللهب) وكان مصباحاً من اللهب بقربه مما اضطر والدها لأن يطفئ المصباح ويخرج فنسنت من الدار فرجع حزيناً يائساً


(*سين)الفتاة التي أحبته وعاش معها حياة عائلية هادئة مع اليأس


  [*هذه اسماء أهم لوحاته]


(*الحزنُ سيدومُ للأبد)أخر جملة نطقها قبل ان يموت منتحراً


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدبية ______ يا سر الهنا ______ بقلم الشاعر نزار سالم

مملكة أقلام و حروف _____ أبكي بلدي _____ الشاعرة صاحبة الظل الطويل

مجلة آفاق الأدبية ________ لون الحزن _____. الشاعر حسين علوان